جمعه: 31/فرو/1403 (الجمعة: 10/شوال/1445)

تذنیب

إعلم: أنّه كما أفاد فی الكفایة،([1]) وأفاد سیّدنا الاُستاذ+،([2]) وغیرهما: لا ریب فی تقدّم مثل قاعدة التجاوز، وقاعدة الفراغ، وأصالة صحّة عمل الغیر وغیرها من القواعد المقررّة فی الشبهات الموضوعیة على الاستصحاب الجاری فی مواردها ـ لولا هذه القواعد ـ المقتضـی لفساد ما شكّ فیه من الموضوعات.

والدلیل على ذلك أوّلاً: أخصّیة دلیل هذه القواعد عن دلیل الاستصحاب فیخصّص دلیله بأدلّتها.

 

فإن قلت: قد تكون النسبة بین بعض هذه القواعد ودلیل الاستصحاب عموماً من وجه، فلابدّ من القول بتساقط الدلیلین بالتعارض، ففی مورد قاعدة الید إذا احتمل أو علم أنّه لیس ما فی الید مما كان فی ملك غیر ذی الید سابقاً حتى تستصحب الملكیة السابقة، أو كان ما فی الید ممّا تعاقبت فیه الحالتان، فعلم أنّ ما فی الید كان ملكاً لذی الید فی حالة ولم یكن ملكاً له فی حالة اُخرى ولم یعلم السابقة منهما على الاُخرى، ففی هذین المثالین یدٌ ولا استصحاب، فهو مورد الافتراق من جانب الید، وأمّا مورد الافتراق من جانب الاستصحاب فهو كثیر جدّاً. وبالجملة: تكون النسبة بینهما عموماً من وجه، فكیف یقال بأنّ النسبة بینهما الأعمّ والأخصّ المطلق حتى یقال بالتخصیص تحكیماً للخاصّ على العامّ؟!

قلت: قد أجاب فی الكفایة([3]) عن ذلك أوّلاً: بالإجماع على عدم التفصیل بین العمل بالقاعدة فیما لم یكن فی موردها الاستصحاب، وبین ما إذا كان فی موردها.

وثانیاً: بأنّ ذلك موجب لقلّة المورد للقاعدة ـ الّتی تقتضی ملاحظتها وكثرة الحاجة إلیها فی فصل الخصومات وغیرها حجّیتها مطلقاً ـ بخلاف العكس، فإنّه لا یوجب قلّة المورد للاستصحاب.

هذا مضافاً إلى أنّه لیس فی موارد جریان هذه القواعد ما لم یكن المشكوك فیه مسبوقاً بالعدم، ومقتضى الاستصحاب عدمه؛ ومع ذلك حكم الشارع بوجوده ووقوعه.

نعم، قد استثنی من تلك القواعد القرعة، فإنّه لا شبهة فی تقدّم الاستصحاب علیها.

أوّلاً: لأخصّیة دلیله عن دلیل القرعة، لأنّ موضوعها الجهل والشكّ، والمعتبر فی الاستصحاب الشكّ فی ما تكون له حالة سابقة لا مطلقاً.

 

وثانیاً: لقوّة دلیل الاستصحاب وضعف دلیلها ولو كان من جهة عدم العمل به مطلقاً.

وثالثاً: لعدم حجّیة دلیل القرعة على الإطلاق، فإنّها مختصّة بالموضوعات دون الأحكام.

ورابعاً: ـ وهو العمدة ـ : أنّ الظاهر من أدلّتها أنّها لكلّ أمر مشكل ومشتبه، وما یكون حكمه الواقعی أو الظاهری (والأوّلی أو الثانوی) معلوماً لیس بالمشكل ولا المشتبه. ومثل دلیل الاستصحاب وكلّ حكم ظاهریّ یكون رافعاً لموضوعها ومخرجاً لمورده عن تحتها. والله هو العالم بالصواب، ولا حول ولا قوة إلّا بالله‏، والحمد لله‏ أوّلاً وآخراً، وصلّى الله‏ على سیّدنا محمّد وآله الطیّبین الطاهرین. 

 

 

([1]) الخراسانی، كفایة الاُصول، ج2، ص356 - 358.

([2]) الحجّتی البروجردی، الحاشیة على كفایة الاُصول، ج2، ص456.

([3]) الخراسانی، كفایة الاُصول، ج2، ص360.

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: