پنجشنبه: 30/فرو/1403 (الخميس: 9/شوال/1445)

فصل
فیما یتوقّف علیه الاجتهاد

لا ریب فی أنّ الاجتهاد موقوف على معرفة طائفة من المسائل، وإن شئت فقل: إلى طائفة من مسائل طائفة من العلوم، كالعلوم العربیة (النحو والصـرف واللغة)، وكالتفسیر.

واحتیاج الفقیه إلیها ظاهر، فإنّ جلّ مدارك الأحكام بل کلّها یستفاد من الكتاب والسنّة، ولا ریب فی أنّ فهمهما متوقّف على فهم قواعد اللسان العربی. والحاجة إلى التفسیر أیضاً ظاهر، لأنّ المعرفة إلى مدالیل الآیات محتاجة إلى التفسیر المشتمل على أسباب النزول وعموم الكتاب وخصوصه، وسیّما إلى ما ورد عنهم فی تفسیر الآیات، وإلى معرفة الأحادیث من حیث التواتر والاستفاضة والآحاد وحال أسنادها.

وأیضاً لا ریب أنّ هنا قواعد کلّیة یحتاج الفقیه إلى معرفتها ممّا هو مذكور ومجموع سُمّی بالاُصول لبناء المسائل الفقهیة علیها.

فما دام لم تكن هذه المسائل مبحوثاً عنها والبناء على ما ینتهی البحث إلیها، لا یمكن الاستنباط، فما لم یبن الفقیه فی البحث فی أنّ الأمر هل ظاهر فی الوجوب أو فی مجرّد الرجحان على أحد الطرفین؟ لا یمكن له استظهار مراد الشارع من أوامره، وكذا فی النواهی. وهكذا فی مقدمة الواجب مادام لم یبن فی البحث على أنّ وجوب المقدّمة

 

لازم لوجوب ذیها، لا یمكنه الفتوى بوجوب المقدّمة فیما یعرض له من المسائل الكثیرة. وإذا لم یبحث فی أنّ العامّ المخصّص هل هو حجّة فی الباقی أو لا؟ ولم یبن على حجّیته، لا یمكن له فی العمومات المخصّصة الكثیرة الحكم على حجّیة العموم فی الباقی، إلّا أن یجدّد البحث فی کلّ مسألة من الرأس، فإذا كان ذلك مبحوثاً عنه مستقلّا فیبنی علیه فی جمیع المسائل.

وقس على ذلك سائر الموارد المذكورة فی الاُصول.

نعم؛ لا کلام فی أنّ بعض المسائل المذكورة فی الاُصول غیرمحتاج إلیها فی الفقه، ولیس البحث عنها إلّا استطراداً. إذن فما المانع من جمع هذه القواعد فی مجموعة من المسائل، وتسمیته بالاُصول، أو بعلم الاُصول؟ وسعیهم للإتیان بتعریف موضوعه على نحو یكون البحث عن تلك المسائل من عوارضه الذاتیة، سواء أتوا به أم لم یأتوا به، لا یدخل تدوین هذه المسائل ـ مجموعة مستقلّة ـ فی البدعة، كما ربما یظنّ ذلك بعض من یسمّی نفسه بالأخباری، وإلّا یكون تدوین مسائل الفقه والتفسیر والنحو والصـرف واللغة والرجال والتاریخ کلّها بدعة محرمة، فهذا لیس ممّا ینازع فیه العقلاء. والله هو الهادی إلى الصواب.

 

 

 

 

 

موضوع: 
نويسنده: 
کليد واژه: