جمعه: 10/فرو/1403 (الجمعة: 19/رمضان/1445)

بدیهیة رجوع الجاهل إلى العالم

وأمّا جواز رجوع الجاهل إلى العالم إذا لم یتمكّن من الاحتیاط ولو من جهة وقوعه فی العسر واختلال الأمر، لا یحتاج إلى کلام كثیر، بل یعرفه کلّ واحد من العوامّ بفطرته وجبلّته، وقد استقرّ علیه بناء العقلاء ولم یردع عنه الشارع، وسیرة المتشـرّعة([1]) المستمرّة علیه، فلا حاجة إلى الاستدلال ببعض الآیات كما أنّه لا حاجة إلى الاستدلال بالروایات([2]) أیضاً وإن كانت تامّة الدلالة على المطلوب، ویدّعى تواترها بالإجمال.

وتوهّم شمول ما یدلّ على عدم جواز اتّباع غیر العلم([3]) والذمّ على التقلید([4]) لما ذكر كونه رادعاً عنه، مردود جدّاً، لانصرافه عن مثل متابعة العالم فی أحكام الفروع الّتی لا یمكن تكلیف عامّة الناس بتعلّمها، لاختلال النظام به. وینجرّ النهی عن متابعة غیر العالم بها العالم إلى رفع الید عن التكالیف الثابتة علیهم. فلابدّ أن یكون ذلك مختصّاً بالاُصول دون الفروع. هذا مضافاً إلى أنّه على فرض القول بشموله

 

للفروع یكون مخصّصاً بتلك الروایات الكثیرة الدالّة على الجواز، بل وجوب رجوع الجاهل إلى العالم بالأحكام، وهذا واضح لا ینبغی فیه الارتیاب. والله هو الهادی والعالم بالصواب.

 

 

([1]) راجع: الأصفهانی، الفصول الغرویة، ص411، فصل جواز التقلید.

([2]) كآیة النفر (التوبة، 122)، وآیة السؤال (النحل، 43).

([3]) نحو قوله تعالى: ﴿وَلَاتَقْفُ مَا لَیْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾. الإسراء، 36.

([4]) نحو قوله تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾. الزخرف، 23.

موضوع: 
نويسنده: