التقى سماحة آیة الله العظمى المرجع الدینی الكبیر الحاج الشیخ لطف الله الصافی الگلبایگانی مد ظله الوارف صباح یوم الثلاثاء المصادف 27 جمادى الثانیة 1440هـ (14 اسفند 1397 هـ .ش ) فی منزله برئیس منظمة الأوقاف والشؤون الخیریة مع جمع من مساعدیه ، وذلك برفقة رئیس دیریة أوقاف مدینة قم. وقد طلب الوفد الزائر الاستماع الى توصیات المرجع الدینی الصافی وارشاداته.
و فی بدایة اللقاء قدم حجة الاسلام الشیخ خاموشی تقریرا حول البرامج والخطط المستقبلیة لهذه المنظمة.
كما شهد اللقاء مجموعة مهمة من الوصایا والارشادات الحیویة ، قدمها سماحة المرجع الصافی حول أهمیة الوقف ودوره البارز فی الترویج والتبلیغ والاعلام ، ونشر المعارف الاسلامیة ، بل ودروره الفعال فی حل العدید من المشاكل الاقتصادیة ایضا. كما أوصى سماحته بضرورة احیاء الاوقاف المنسیة ، والعمل بجدیة على تحقیق آمال وتطلعات الأخوة الواقفین ، وانجاز مقاصدهم . وما یلی مختارات من تلك الارشادات:
بسم الله الرحمن الرحیم
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّی اللهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ:
»إذَا مَاتَ ابنُ آدَمِ انقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِن ثَلاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِیَةٍ، أو عِلمٍ یُنتَفَعُ بِهِ، أو وَلَدٍ صَالِحٍ یَدعُو لَهُ«.
إنی فی البدایة أعرب عن خالص شكری لكم ، واسأل الباری تبارك وتعالى أن تقع أعمالكم محلا لرضا الامام الحجة المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشریف ، و ان نقوم بكل ما من شأنه إدخال السرور على قلبه وجلب رضاه فی كل المسؤولیات والوظائف الملقاة على عواتقنا .
* سابقة الوقف فی الاسلام
لا شك أن للوقف جذورا فی التاریخ الاسلامی العریق و أصولا قرآنیة و روائیة عدیدة ، و أن عصر النبی صلى الله علیه و آله الائمة الطاهرین علیهم السلام قد شهد وجود الأوقاف ، فان الوقف من السنن الحسنة التی كانت محل أنظار المسلمین واقبالهم ، كعمل لهم حسن یبقى أثره من بعدهم . لتبقى أعمالهم حیة متجددة . و یكتب لهم ثوابها فی صحائف أعمالهم.
الحمدلله ، فاننا شهدنا ولا زلنا نشهد اقبالا واسعا للناس على القیام بالأعمال الخیریة وكل ما یوجب تعظیم الشعائر. ومساعیهم المشكورة فی احیاء الاسلام و امر ولایة الأئمة علیهم السلام ، كما أن هناك الكثیرین من الناس الیوم تواقون الى أن یتكون عملا نافعا ، و اثرا باقیا لهم من بعد رحیلهم.
* ضرورة تنفیذ تطلعات الواقفین
من الأعمال المهمة التی من الواجب القیام بها فورا هی مسؤولیة تنفیذ ما یریده الواقفون ؛ بمعنى أن یلمس الناس أن الموقوفات التی وضعت باختیارهم وتحت تصرفهم، انما وضعت بنحو یتحقق فیه ما نواه الواقف وأراده من كیفیة استیفاء منافع الوقف بشكل كامل وتام.
أساسا ، من أسباب بقاء الوقف هو تحقق هذا الهدف ؛ وهو تطبیق منویات الواقفین . والا لانمحت الاوقاف بالكلیة . اذن الان ، ولأجل أن نحافظ على الاوقاف ، ونعمل على ابقاء الناس متحمسین الى القیام بعملیات الوقف ، بل ولكی نزید من هذا الشوق والحماس المبارك ، ینبغی علیكم كمسؤولین على الاوقاف الالتفات جیدا الى مقاصد الواقفین ، والتعامل مع أهدافهم ، والجهات التی عینوها لأوقافهم بدقة عالیة.
* ضرورة احیاء الموقوفات
النقطة الأخرى التی علیكم الالتفات الیها ، هی التعرف على وجود العدید من الموقوفات على مستوى المدن ، والقیام بجردها وتدقیقها بشكل كامل ، والتعرف على واقعها التاریخی الدقیق . ما أعجب بعض صیغ الوقف التی اطلعت علیها ، و أحسن الألفاظ التی صیغت به هذه الوثائق الوقفیة ، الألفاظ التی تنم عن عمق اعتقاد ، و علو همة ، و شدة ایمان ، وروعة ابراز عمق الولاء .
. علیكم احیاء هذه المأثر الغنیة ، وتعریف عموم الناس بها . وللأسف فان هناك بعض الاوقاف قد نسیت ، وخربت ، من الحسن جدا السعی فی احیاءها مهما أمكن . نحن عندنا فی گلبایگان مدرسة علمیة دینیة ، كبیرة وكبیرة جدا ، ولكن للأسف الشدید قاموا فی النظام السابق بهدمها ، و لازلنا نأسف لها الى الیوم . على كل حال ، من الواجب جدا احیاء الموقوفات ، والمحافظة على الموجود منها . فانها بلا شك اجاراءات وتدابیر ضروریة ، ذات اثار عملیة نلمسها عند الناس ، ویسعدون بها اذا رأوا أن الموقوفات یتم المحافظة علیها بشكل جید . وتعمل على زیادة اقبالهم على هذا العمل المبارك ، لتعم بركاته و تكثر .
اعلموا اعزائی ، أن عملكم هو خدمة للامام صاحب العصر عجل الله تعالی فرجه الشریف ، فكل اهذه القضایا مرتبطة به ، وترجع الى وجوده المبارك . وكلما كانت على أرقى المستویات من حیث متانة القوام ، وحسن المنظر و كلما كانت أكثر تنظیما و أحسن تدبیرا ، كلما كانت موضعا لرضا الامام ومباركته .
والسلام علیكم و رحمة الله و بركاته