جمعه: 1403/01/10
نسخة للطباعةSend by email
معلّم الشجاعة والغيرة والإباء بمناسبة حلول شهر محرم الحرام
بقلم: سماحة آیة الله العظمی الصافی الکلبایکانی دام ظله الوارف

بسم الله الرّحمن الرّحیم

سلام الله علیك یا أبا عبد الله! یا سیّدَ الشهداء!
یا مُنقِذَ الاسلام! یا جمالَ الإنسانیة!
ویا من نصـرت الحقّ المبین بقیامك وتضحیتك نفسَك الكریمة ونفوس أهل بیتك وأنصارك وأنصار الله وأنصار رسوله.
یا لیتنی كنتُ معكم فأفوز فوزاً عظیماً.

أنتم والله معادن الحریّة والكرامة، وشهداء الإسلام والحقّ والعدل، ومبادئ الإنسانیة،
لَوْلَا صَوارِمُكُمْ وَوَقْعُ نِبَالِكُمْ
لَمْ تَسْمَعِ الْآذَانُ صَوْتَ مُــكَبِّر
ولولا تضحیاتكم لَما قام للدین عمود، ولما اخضـرّ للإسلام عود، ولاستُبدِلت الشـریعة الإلهیة والرسالة المحمدیة بالرجعیة السفیانیة، والجاهلیة الاُمویّة، والإمارة الطاغوتیة الیزیدیة.

یا حسینَ الحقّ! یا حسینَ العدل! ویا حسینَ القرآن!
یابن رسول الله! نفسـی لنفسك الفداء، ولنفس من یحبّك، ویحبُّ محبّیك، ویسعد بزیارة قبرك، ویذكر مصائبك ویبكی، ویُبكی لها، وینوح علیك الفداء.

یا بطلَ الإسلام! أنت جدَّدت فخر آل هاشم، وأسّست بناءً لا یغلق بابه ولا ینهدّ صَرحُه أبداً.
وصیحاتك فی وجه كلّ ظالم وغاشم وجبّار باقیة مدى الدهر، تنذر الطواغیت ومستعبدی عباد الله بالخزی والخذلان.
الله أكبر ! ما أكبر كلمتك الخالدة: «إِنِّی لَا أَرَى الْـمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً، وَلَا الْـحَیَاةَ مَعَ الظَّالِـمِینَ إِلَّا بَرَماً!»(1)

لقد أكرمك الله تعالى یا سیّدی بالشهادة، وقد أَعَدتَ باستشهادك فی سبیل الله عِزّ الإسلام. فلا ینسى الإسلام وتاریخه، ولا تنسى الإنسانیة مواقفك العظیمة.

ولا یُنسى موقفك حین خاطبت والی المدینة المنوَّرة لمّا عرض علیك البیعة لیزید، فقلت صلوات الله علیك: «إِنَّا أَهْلُ بَیْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنُ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفُ الْـمَلَائِكَةِ، بِنَا فَتَحَ اللهُ، وَبِنَا خَتَمَ اللهُ، وَیَزِیدُ رَجُلٌ فَاسِقٌ، شَارِبُ الْـخَمْرِ، قَاتِلُ النَّفْسِ الْـمُحْتَرَمَةِ، مُعْلِنٌ بِالْفِسْقِ، وَمِثْلِی لَا یُبَایِعُ مِثْلَهُ‏».(2)

ولا ینسى ثباتك على هذا المبدأ الأصیل فی یوم عاشوراء، الّذی استشهد فیه شباب آل محمد ورجالات الإسلام وحماة الحقّ.
فلا یُنسى موقفك العظیم فی هذا الیوم، حیث قلت صلوات الله علیك: «أَلَا وَإِنَّ الدَّعِیَّ ابْنَ الدَّعِیِّ قَدْ رَكَزَنی بَیْنَ اثْنَتَیْنِ بَیْنَ الْسِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ، وَهَیْهَاتَ مِنَّا الذِّلَةُ! یَأْبَى اللهُ ذَلِكَ لَنَا وَرَسُولُهُ وَالْـمُؤْمِنُونَ، وَحُجُورٌ طَابَتْ وَطَهُرَتْ، وَأُنُوفٌ حَمِیَّةٌ، وَنُفُوسٌ زَکیَّةٌ، مِنْ أَنْ نُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِّئَامِ عَلَى مَصَارِعِ الْكِرَامِ‏»(3)

الله أكبر! تاهت العقول فی واقعة الطفّ، وفی معرفة أبطاله العظماء.
لقد أسّس مولانا الحسین علیه السلام فی یوم الطفّ مدرسته الكبرى لكلّ من یرید الدفاع عن كرامة الإنسان، ویحبُّ الاستشهاد فی سبیل الله مدرسةً لا تندرس تعالیمها وإرشاداتها، ولا تُمحا آثارها.

یا أبا الشهداء! یا جمالَ هذا الكون! ویا نفحةَ الدیّان! وصَفوة الإنسان!
على رَغمِ مَن قتلك وقتل أصحابك، وأسر أهل بیتك؛ حرصاً على اجتثاث أصل الدین وإطفاء نور الله فهذا لواء الإسلام یهتزّ فی أرجاء البسیطة، وهذه شمس هدایته تشـرق على الأرض، وهذا صوت الأذان یُسمع من المآذن ومكبّرات الصوت والإذاعات فی أوقات الصلوات، وهذه شعائر الإسلام تُعَظَّم فی مشارق الأرض ومغاربها، كلّ ذلك ببركات نهضتك المقدّسة، وإیثارك الإسلام وأحكامه على نفسك الكریمة، ونفوس أهل بیتك، وأصحابك علیك وعلیهم السلام.

یا سیّدَ الأحرار! ویا معلّم الشجاعة والغیرة والإباء!
هذه مجالس الشیعة ومحبّی أهل البیت، وحفلاتهم التأبینیة تحیا بذكر مصائبك، وما تحمّلت فی سبیل إعلاء كلمة الله من النوائب، وما علّمت الإنسانیة من الدروس العالیة فی مدرسة كربلاء.

فذكراك، یا مولای! ذكرُ الله تعالى، وذكرى الرسول، وذكرى والدك بطل الإسلام، وذكرى اُمّك سیّدة نساء العالمین، وذكرى جمیع رجالات الدین، وأنصار الحقّ، وحماة المستضعفین.

حرَّره أقلُّ من أناخ مطیَّته بأبواب محبّی مولاه الحسین، علیه وعلى أصحابه الكرام أفضل التحیّة والسلام لطف الله الصافی

المصادر:
۱- الطبری، تاریخ، ج4، ص305؛ ابن شعبة الحرّانی، تحف العقول، ص245؛ راجع أیضاً: الطبرانی، المعجم الکبیر، ج3، ص115؛ ابن عساکر، تاریخ مدینة دمشق، ج14، ص218؛ ابن شهر آشوب، مناقب آل أبی ‌طالب، ج3، ص224؛ ابن نما الحلّی، مثیر الأحزان، ص32.
۲- ابن ‌طاووس، اللهوف، ص17؛ البحرانی الأصفهانی، عوالم العلوم، ص174؛ المجلسی، بحار الأنوار، ج44، ص325.
۳- ابن شعبة الحرّانی، تحف العقول، ص241؛ ابن نما الحلّی، مثیر الأحزان،‌ ص40؛ البحرانی الأصفهانی، عوالم العلوم، ص253.

الاثنين / 9 أغسطس / 2021