بسم الله الرحمن الرحیم
العظمة الإنسانیة و مثالها الأكمل و الأمثل
لیس على اللّه بمستنكر أن یجمع العالم فی واحد
أی و بحقه لیس ذلك منه تعالى بمستنكر، فهو الذی جمع العظمة و البطولة و المآثر و المفاخر الخالدة، و جمع الجلالة كلّها فی الحسین علیه السلام؛ حسین الحیاة و حسین العزة و الشهادة و حسین الإسلام، حسین القرآن و حسین الإیمان، حسین الغیرة و الشجاعة، حسین الحریة و الكرامة، والصبر و الإستقامة؛ شهید الشرف و الإباء و إحقاق الحق، و نصرة الدین، و شهید التضحیة و الجهاد فی سبیل اللّه و إعلاء كلمته و إنقاذ الناس من عبادة الطواغیت و المستكبرین.
فقد بذلعلیه السلام مهجته و أولاده الأعزاء و إخوته الكرام و صحبه العظام؛ رجالات الدین و أبطال الإیمان و شهداء الفضیلة والكرامة الإنسانیة، حتى إستنقذ المسلمین من الجهالة و من السقوط فی درك الشقاء و الشرك و الكفر و حیرة الضلالة.
فصلوات اللّه و سلامه علیه و على أولاده و أهل بیته و أصحابه. فالحسین و أصحابه هم الذین قاموا بنصرة الإسلام و القرآن حینما كانا یستغیثان و یستنصران فلبّوا إستنصارهما حینما لم یلبّهما غیرهم؛ إمّا طمعاً بالجوائز و الصِّلات و المناصب أو خوفاً من جلاوزة بَنی أمیة. فالحسین لو لاه ما كنّا.
فالحسین هو الذی قام و لبّى و نادى و صاح و مخاطباً للدین: أنا لك و أنا للقرآن و أنا للمسلمین و المستضعفین، أنا الذی أدافع عن كیان التوحید، أنا و أولادی و أهل بیتی و أصحابی المخلصین نذبّ عن الدین و ندافع عن دعوة سیّد المرسلین و ننقذ القرآن من أیدی الظالمین مسترخصین كل نفس و نفیس و لسان حال كل واحد منهم:
لبسوا القلوب على الدروع فاقبلوا یتهافتون على ذهاب الانفس
الله اكبر، اللّه اكبر. ثار الحسین علیهالسلام، قام فی هذا الوجود صارخاً مدافعاً عن الاسلام. قام فی هذا الوجود مندداً بالطغیان: فلا معاویة و لا یزید و لاغیرهما من الطواغیت؛ و لاإستعباد و لا إستكبار و هو یقول: إنی لا أرى الموت فی سبیل اللّه إلّا شهادة و الحیاة مع الظالمین إلّا برماً ، و هیهات منّا الذلة. یأبى اللّه ذلك لنا و المؤمنون و حجور طابت و طهرت و أنوف حمیة و نفوس ابیة من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام و لسان حاله:
إن كان دین محمد لم یستقم إلّا بقتلی یا سیوف خذینی
و نداؤه هذا سیظلّ فی البشریة إلى یوم القیامة، و یهیب بالانسانیة و یدعوها إلى القیم الخالدة و إلى الغیرة و العزّة، و سیبقى یوم عاشوراء فی كل عام المدرسة الإنسانیة الكبرى و المكتب الأمثل الأوّل و الحسین علیه السلام یتلو على الناس آیات القراءة: تَعَالَوا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَیْنَنَا وَ بَیْنَكُمْ.[1]
و یتلو أیضاً: لَا تَجِدُ قَوْماً یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ یُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ .[2]
و یتلو أیضاً: إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسَانِ وَ إِیتَاءِ ذِی الْقُرْبَى وَ یَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْیِ.[3]
و یقرأ على الناس قوله تعالى: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ یَدْعُونَ إِلَى الْخَیْرِ.[4]
و یتلو: قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَ بَنَاتِكَ وَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِینَ یُدْنِینَ عَلَیْهِنَّ مِنْ جَلاَبِیبِهِنَّ.[5]
نعم، إنّ یوم عاشوراء یوم القرآن، و یوم العدل و التوحید و یوم الدعوة إلى الحق و الدین الحنیف كما أنه یوم خذلان الظالمین و عزّة المؤمنین.
فسلام اللّه علیك یا أباعبداللّه و على أولادك و إخوتك و على أصحابك المستشهدین معك و على أنصارك من بعدك الذین یحیون ذكرك و یقیمون مآتمك و على كل الباذلین و القائمین و المشاركین بالشعائر الحسینیة.
رزقنا اللّه و إیاهم شفاعة الحسین و إدراك ثأره فی یوم اللّه الأكبر یوم ظهور مولانا الإمام المنتظر و العدل المشتهر الحجة بن الحسن العسكری عجل اللّه تعالى فرجه الشریف و آخر دعوانا أن الحمدللّه رب العالمین
[1]. آل عمران،64.
[2]. المجادلة،22.
[3]. النحل،91-90.
[4]. آل عمران،105-104.
[5]. الأحزاب،59.