شنبه: 8/ارد/1403 (السبت: 18/شوال/1445)

تمسّك الكتابی باستصحاب النبوّة

ثمّ إنّه هل یجوز للكتابی إن شكّ فی بقاء شریعة موسى ـ مثلاً ـ التمسّك بالاستصحاب لإثبات بقاء شریعته، فیجوز له ترك النظر فی دعوى مدّعی النبوّة ونسخ أحكام الشـریعة السابقة؟

یمكن أن یقال: إنّه لا یترتّب على استصحاب بقاء شریعة موسى جواز ترك النظر فی دعوى مدّعی النبوّة والفحص عن صدقه، غایة الأمر یثبت به وجوب الجری العملی

 

على طبق المستصحب والبناء علیه ظاهراً إذا لم یكن شكّه فی البقاء من جهة الشكّ فی صدق مدّعی النبوّة، فإنّه لا یجوز له حینئذٍ البناء على الاستصحاب وترك الفحص.

یمكن أن نقول: إنّ الشكّ فی بقاء الشـریعة لا یأتی إلّا من احتمال صدق مدّعی النبوّة الّذی هو المنجّز لوجوب الفحص عن صدقه فلا یكون هو معذوراً إن ترك الفحص ووقع فی المخالفة لصدق مدّعی النبوّة واقعاً، نعم، یكون معذوراً إن فحص وحصل له العلم بكذب المدّعی، فما دام احتمال صدق مدّعی النبوّة باقیاً لا یكون المکلّف معذوراً، والاستصحاب لا یدفع هذا الاحتمال ولا یؤثّر فی نفیه.

وبالجملة: استصحاب بقاء الشریعة السابقة للشكّ فیه من جهة دعوى مدّعی النبوّة لا یدفع احتمال صدقه، ومع بقاء الاحتمال یجب علیه الفحص.

هذا کلّه إذا كان تمسّك الكتابی بالاستصحاب لدفع وجوب الفحص عن صدق مدّعی النبوّة عن نفسه.

وأمّا تمسّكه به قبال المسلم، فإن كان لإثبات صحّة دینه به فقد عرفت أنّه لا یثبت به. وإن كان لجعل کلفة إثبات الإسلام على المسلم قبال الكتابی فلیس هو بـشیء، لأنّ على کلّ مدّع إثبات دعواه، فعلى مدّعی النبوّة وعلى المسلم قبال الكتابی إثبات الإسلام، وعلى الكتابی أیضاً إن كان یدّعى صحّة عقیدته إثباتها بما یوجب الیقین؛ لا یثبت بالاستصحاب دینه كما لا یثبت به الإسلام للمسلم أیضاً، فتدبّر.

هذا کلّه ما سنح ببالی القاصر.

وأمّا السیّد الاُستاذ فقد أفاد هنا أنّ الاُمور الاعتقادیة على أقسام:

فقسم منها: لا یكون حكماً شرعیاً ولا موضوعاً لحكم شرعی مثل وجود الله‏ تعالى وصفاته. نعم، یجب الاعتقاد به وعقد القلب بوجوده، ولكن لا معنى لجریان الاستصحاب فیه بالیقین السابق والشكّ اللاحق.

 

والقسم الآخر: یكون مثل الولایة مجعولاً بجعل إلهی ویتعلّق به العمل بوجوب الإطاعة، ولا مانع من جریان الاستصحاب من تلك الجهة، ولكنّه ممنوع من جهة اُخرى وهی: أنّ الولایة الخاصّة یجب معرفتها بالقطع والیقین ولا معنى للتعبّد بها شرعاً لعدم حصول المعرفة به.([1])

أقول: ویمكن أن یقال: إنّ الولایة المجعولة بالجعل الإلهی الّتی هو الموضوع لوجوب الإطاعة لا یتطرّق الشكّ فی بقائها بعد الیقین بها إذا كان الولیّ حیّاً. نعم، یتطرّق الشكّ فیها بالشكّ فی بقاء حیاته لا مطلقاً.

ثم أفاد بأنّ منها: ما یمكن أن یكون مجعولاً ویمكن أن لا یكون مجعولاً، مثل النبوّة، ولا مانع من جریان الاستصحاب فیها؛ لكونها موضوعاً لوجوب إطاعة النبیّ، ولكنّه أیضاً ممنوع لعین ما ذكر بالنسبة إلى الولایة.([2])

وفیه: أیضاً ما قلناه فی الولایة، مضافاً إلى أنّه لم یظهر لنا معنى عدم كون النبوّة مجعولاً، والله هو الهادی.

 

([1]) الحجّتی البروجردی، الحاشیة على كفایة الاُصول، ج2، ص435 - 436.

([2]) الحجّتی البروجردی، الحاشیة على كفایة الاُصول، ج2، ص435 - 436.

موضوع: 
نويسنده: