جمعه: 7/ارد/1403 (الجمعة: 17/شوال/1445)

أقسام النهی فی المعاملات

وقسّم+ النواهی الواردة فی المعاملات إلى أقسام:

أحدها: أن یكون النهی متعلّقاً بالمعاملة من حیث إنّها أحد أفعال المكلّف فیكون إیجاد السبب والتلّفظ بالإیجاب والقبول مثلاً وقت النداء مثل شرب الخمر محرّماً من غیر ملاحظة أنّ هذا الفعل المحرّم یوجب نقلاً وانتقالاً. ولا ریب فی عدم دلالة هذا النحو من النهی على الفساد.

ثانیها: أن یكون مفاد النهی مبغوضیة إیجاد السبب لا من حیث إنّه فعل من الأفعال بل من حیث إنّ ذلك السبب یوجب وجود المسبّب المبغوض فی نفسه، كما فی النهی عن بیع المسلم للكافر؛ فإنّ إیجاد السبب حرام بواسطة إیراثه أمراً مبغوضاً وهو سلطنة الكافر على المسلم بناءً على الصحّة ووجوب الإجبار على إخراجه عن ملكه.

 

فلو قلنا بأنّ الأسباب الناقلة إنّما هی مؤثّرات عقلیة قد اطّلع علیها الشارع وبیّنها لنا من دون تصرّف زائد یمكن القول فی هذا القسم بعدم دلالة النهی على الفساد.

وأمّا إن قلنا بأنّ هذه أسباب شرعیة وضعها الشارع وجعلها مؤثّرة فی الآثار المطلوبة فلابدّ من القول بالفساد؛ فإنّ من البعید جعل السبب مع كون المسبّب مبغوضاً.

ثالثها: أن یكون مفاد النهی حرمة الآثار المترتّبة على المعاملة المطلوبة منها، مثل ما یدلّ على حرمة أكل الثمن فیما إذا كان عن الكلب والخنزیر. وهذا النهی یدلّ بالالتزام على عدم حصول الملك بهذه المعاملة وهو عین الفساد؛ لأنّه لا وجه لحرمة التصرّف فی الثمن والمبیع ونحو ذلك من الآثار المترتّبة على الملك لو حصل الملك.

رابعها: أن یكون النهی ناظراً إلى إطلاق دلیل الصحّة فیكون لا محالة مقیّداً لإطلاقه ویكون مفاده التصریح بالدلالة على الفساد، فكأنّه بمنزلة الاستثناء لقوله مثلاً «أوفوا بالعقود» الدالّ على حصول الملك والنقل والانتقال بالعقد.([1])

خامسها: وهو الّذی زاده المحقّق الخراسانی& على هذه الأقسام، وهو: تعلّق الحرمة بالتسبّب بالمعاملة الخاصّة إلى مضمونها، فالنهی متعلّق على هذا بالتوسّل من هذا السبیل وإیجاد ذلك السبب الخاصّ إلى مسبّبه. وذهب إلى عدم دلالة النهی فی هذا القسم أیضاً على الفساد.([2])

ولا یخفى علیك: أنّه یمكن إنكار النهی المتعلّق بالسبب فی الشرعیات كما ذكره فی القسم الأوّل؛ فإنّ البیع وقت النداء وما كان من هذا القبیل لا یكون منهیّاً بما هو فعل مباشری، بل النهی قد تعلّق حقیقة بحقیقة المعاملة وما یعبّر عنه بالفارسیة بـ «داد و

 

ستد» لكن لا من جهة مبغوضیة أصل المعاملة بل من جهة مزاحمتها مع السعی إلى ذكر الله. وهذا الملاك موجود فی کلّ فعل یزاحم السعی.

وهذا النهی لا یكون إلّا غیریاً ولیس فیه دلالة على الفساد ولا على حرمة المعاملة أصلاً، فإذا ترك الصلاة واشتغل بالمعاملة لا یكتب علیه معصیتان.

وأمّا ما كان من قبیل القسم الخامس وهو تعلّق النهی بالتسبّب، فالقول فیه بدلالة النهی على الفساد قریب؛ لأنّ الشارع حیث أراد عدم التوصّل بذلك السبب الخاصّ إلى المسبّب یقتضی هذا إلغاء سببیته رأساً، فالنهی المتعلّق بالمسبّب یكون إرشادیاً لا محالة.

 

([1]) الکلانتری الطهرانی، مطارح الأنظار، ص163.

([2]) الخراسانی، کفایة الاُصول، ج1، ص296.

موضوع: 
نويسنده: